رواية زوجي العزيز عفوا لست قاتلة الفصل السابع
في الصباح كانت شيرين تطرق باب منزل يمنى…بينما كانت يمنى لا تزال في فراشها…أتاها صوت الجرس ففتحت عينيها في تثاقل وهي تحاول تخمين من يكون الطارق في هذه الساعة المبكرة من اليوم…إلا أن تذكرت زيارة شيرين…ابدلت ملابسها بسرعة واتجهت نحو الباب تفتحه…وماهي إلا دقائق وكانتا تجلسان معا بعد أن سلمت كل منهما على الأخرى
شيرين:معلش بقى يا يمنى…صحيتك من النوم بدري النهاردة
يمنى:ماتقوليش كده يا شيرين…انتي ماتعرفيش وحشاني اد إيه…ده أنا مش عارفة لما تتجوزي وتروحي تعيشي ف القاهرة حأعمل إيه من غيرك
تنحنحت شيرين قائلة:ماهو بصراحة كده هو ده الموضوع اللي انا جايالك عشانه النهاردة
يمنى بدهشة:مش فاهمة…موضوع إيه ده?
شيرين بتردد:موضوع الجواز…أصل بصراحة كده عصام كلمني من يومين وقالي انه خلاص جهز الشقة وعايز يحدد معاد الفرح وكتب الكتاب
احتضنتها يمنى قائلة بسعادة:بجد…الف مبروك يا حبيبتي
شيرين وقد زال عنها الحرج قليلا:لله يبارك فيكي يا يمني…أنا كنت جاية النهارده يعني عشان اسألك إذا كان ينفع اننا نعمل الفرح قريب عشان عصام مستعجل اوي…بس أنا قلتله لازم نستأذن يمنى الأول قبل أي حاجة
اطرقت يمنى برأسها ولمعت الدموع في عينيها وقالت بأسى:وهي دي محتاجة إذن برضه يا شيرين?انتي اختي وحبيبتي واللي يفرحك يفرحني طبعا…بس ماتزعليش مني …أنا مش حأقدر احضر الفرح
شيرين بتفهم:أنا طبعا مقدرة… بس بجد يا يمنى انتي مش زعلانة مني
يمنى:ازعل من إيه يا عبيطة انتي…أنا بس حيعز عليا فراقك اوي
داعبتها شيرين قائلة:إيه ده هو أنا حاموت ولا إيه?انتي كده بتخوفيني من الجواز على فكرة…وبعدين انتي حتروحي مني فين بس?أنا كل فترة حآجي اسكندرية أزور خالتو إحسان وازورك انتي وأسماء
يمنى:تشرفي ف أي وقت يا حبيبتي…بس ماقولتيليش حتعملي إيه ف شغلك ف المكتب عند عمرو?
شيرين:حاسيبه طبعا…بس دكتور عمرو ربنا يكرمه جابلي شغل ف مكتب واحد محامي صاحبه ف القاهرة وكلمه ووصاه عليا كمان…وان شاء الله حاستلم الشغل بعد شهر العسل علطول
يمنى:ربنا يوفقك يا حبيبتي…خلي بالك من نفسك يا شيرين…وابقي كلميني علطول
شيرين:حاضر يا حبيبتي…صحيح يا يمنى…انتي ما قولتيليش عملتي إيه مع أخوكي ف دمنهور
قصت يمنى علي شيرين ماكان من أمر شقيقها لتجيبها شيرين قائلة:انا مش فاهمة والله…ليه الرجالة بييجوا لحد موضوع الميراث ده ويتهفوا في دماغهم…بس انا ماكنتش اعرف انك جريئة كده…معقول حترفعي عليه قضية…طلعتي اشطر مني أنا بقى ماقدرتش اعملها
يمنى:هو أنا لسه حارفعها…انا رفعتها خلاص
شيرين:ربنا يوفقك يا حبيبتي…أنا مضطرة امشي بقى عشان الحق اروح المكتب وكمان عشان اكلم عصام ييجي يحدد المعاد مع خالتو
احتضنتها يمنى مرة أخرى قائلة:ربنا يتمملك بخير
شيرين:ربنا يخليكي يا يمنى…يلا سلام بقى
يمنى:مع السلامة
اوصلتها يمنى إلي الباب ثم اغلقته خلفها ووقفت خلفه تتمتم قائلة:حتى انتي كمان حاتحرم منك يا شيرين
****************************
كانت جالسة بغرفة إبنتها كعادتها في الأيام الأخيرة …حين اقتحم الغرفة فجأة يحمل في يده أحد الأوراق …بدا وكأن الشياطين قد أقامت حفلا راقصا علي وجهه…اندهشت من فعلته …ولكن دهشتها زالت حين بادرها قائلا:الست يمنى اللي انتي واخدة صفها رفعت على جوزك قضية
أجابته قائلة بتحدي:والله ده حقها اللي انت مارضتش تديهولها بالذوق قالت تاخده بالقانون
فؤاد:لسه بتدافعي عنها برضه بعد اللي عملته
صفاء:أنا بدافع عن الحق…الحق اللي انت مش عايز ترجعه…ومستني تحصل مصيبة لحد من ولادنا بسبب المال الحرام اللي بتأكلهم منه
فؤاد:بقى الفلوس اللي أنا شقيت وتعبت ف جمعها تبقى فلوس حرام
صفاء:احنا مش حنعيده تاني يا فؤاد
لانت ملامحه قليلا وهو يقترب منها محاولا أن يمسك بيدها ولكنها انتفضت آثر لمسته ليصرخ بها قائلا:إيه يا صفاء…محسساني انه قرصك تعبان كده ليه?
تنهدت صفاء وقالت بنفاذ صبر:عايز إيه يا فؤاد?
اقترب منها أكثر لتلفح وجهها أنفاسه الحارة وهو يقول بصوت يحمل الكثير من الشوق والرغبة:حأكون عايز إيه يعني …عايز مراتي…معقول يا صفاء هونت عليكي تبعدي عني أسبوع بحاله…ازاي بتقدري تنامي من غيري …اشمعنا انا بأفضل طول الليل اتقلب على السرير ومش عارف أنام من غيرك…طب ماوحشكيش حضني…اشمعنا انتي وحشاني كلك على بعض
كانت تود أن تصرخ به:أيها الأحمق …الآ تدري كم أشتاق …الآ تدري انني ايضا لا استطيع أن انام بعيدا عنك…ولكنها تمالكت نفسها قائلة:انت عارف تقدر توصلي ازاي يا فؤاد…وصدقني أنا صحيح خايفة على ولادي من مالك الحرام بس خايفة عليك انت أكتر…المال الحرام عمره مابيدوم يا فؤاد
أشاح بيده قائلا في إنفعال:انتي إيه مابتزهقيش…ثم انتي ناسية انك مراتي فاهمة يعني ايه مراتي…يعني أخد اللي انا عايزه وقت انا ما احب…بس لازم تفهمي يا صفاء انك خلاص ماتلزمينيش من هنا ورايح
خرج فؤاد من الغرفة لتهدأ العاصفة التي هبت بدخوله…وتتمتم صفاء بخفوت:ربنا يهديلك نفسك يا فؤاد
*********************************
أدار المفتاح في الباب ثم حملها على ذراعيه ودلفا معا إلي الداخل وانزلها قبل ان يعود ليغلق الباب…ظلت تجول ببصرها في أنحاء الشقة حين اقترب منها وامسك يدها يقبلها قائلا بحب:الف مبروك يا حبيبتي…ها قوليلي بقى عجبتك الشقة ولا لأ?
شيرين:مش لما اتفرج عليها كلها الأول ابقى أقول رأيي…ولو انه من الواضح كده انها جميلة اوي
عصام وهو يمد يده إليها:طيب هاتي إيدك
تشابكت ايديهما وهما يتجولان معا في أرجاء الشقة حتى انتهيا إلى غرفة النوم …دخل عصام وتبعته شيرين وهي تقول في سعادة:بجد جميلة اوي يا عصام …ماكنتش متصوراها جميلة كده بصراحة
عصام:أنا عارف يا حبيبتي انك كنتي تستحقي تعيشي ف فيلا مش ف شقة صغيرة زي دي…بس اوعدك ان شاءالله لما ظروفنا تتحسن حاجيبلك شقة أحسن منها
أجابته ساخرة:وأنا يعني أخدت إيه من عيشة الفلل…وبعدين يا حبيبي كفاية ان احنا فيها مع بعض…واكيد بوجودك جنبي حتبقى جنة مش مجرد شقة وبس
ابتسم عصام قائلا:بالراحة عليا شوية أبوس إيدك…أنا مش اد الكلام الحلو ده…بمناسبة الفلل صحيح…أنا عرفت أن شريف أخوكي باع الفيلا والشركة بتوع إسكندرية وعمل توسعات ف فرع القاهرة وبقي هو الشركة الرئيسية دلوقتي
شيرين بدهشة:غريبة مع انه كان بيقول انه حيعمل العكس
حك عصامرأسه قائلا:مش عارف…بس اللي سمعته من زمايلي اللي ف الشركة انه مراته مارضيتش تسيب أهلها هنا وتروح تعيش هناك ف اسكندرية
تنهدت شيرين وقالت بألم وقد تساقطت لآلئ مقلتيها:ياه…باع الفيلا بالسهولة دي هانت عليه ذكرياتنا مع ماما وبابا وأيامنا الحلوة اللي عشناها فيها سوا
امتدت أنامله لتمسح دموعها قائلا:ماتزعليش نفسك يا حبيبتي…مافيش حاجة تستاهل دموعك دي…بس عارفة يا شيرين…يوم ماقعدت معاكي وأنا باحكيلك اللي شريف عمله وكنتي بتعيطي كان نفسي اوي وقتها اعمل زي ماعملت دلوقتي كان نفسي امد إيدي وامسحلك دموعك …والحمد لله قدرت أحقق أمنيتي دي دلوقتي…بس انتي مش ملاحظة حاجة?
بدا عليها الإهتمام وهي تسأله قائلة:حاجة إيه دي?
عصام:ان أنا أول مرة شفتك فيها كنتي بتعيطي وجالك إنهيار عصبي كمان يومها…والنهاردة أول يوم ف حياتنا الزوجية وبرضه بتعيطي…أنا كده ممكن أخد عنك فكرة انك نكدية
ابتسمت شيرين قائلة:اعمل إيه بس?اللي انت حكيته يومها ماكانش شوية…والنهاردة بجد كان نفسي اوي أخويا يبقى جنبي…ده هو اللي فضلي بعد ماما وبابا
شعر عصام بالأسى من أجلها فقال مهدئا:أنا عندي إحساس انه إن شاءالله حييجي يوم وترجعوا لبعض وتنسوا اللي حصل ده كله
شيرين برجاء:يارب يا عصام يارب…يسمع منك ربنا
**********************************
وكأنه شريط سينمائي أعيد تشغيله مرة أخرى لتتكرر نفس الأحداث…نفس المكان …نفس النصائح…ونفس مدة الإنتظار…إلا أن الإختلاف هذه المرة كان في النتيجة التي لم تكن كسابقتها …إذ فشلت العملية هذه المرة لتدخل يمنى في نوبة من الإكتئاب لازمتها لعدة شهور…اقسمت خلالها أنها لن تعيد تكرار هذه التجربة مرة أخرى مهما كانت العواقب…حاول عمرو إقناعها انه من الممكن تكرارها للمرة الأخيرة ولكنها صرخت فيه قائلة:أنا مش حاعمل عمليات تاني يا عمرو مش حاعمل حاجة…فاهمني ولا لأ…حرام عليكوا بقى حرام عليكوا …أنا تعبت والله العظيم تعبت…احنا بقالنا بالظبط سنتين وشهر متجوزين…كل اللي عدى منهم من غير دكاترة وأدوية وعمليات ست شهور…والباقي كله راح وسط عيادات الدكاترة والمراكز…حرام بقي كفاية كده…أنا قررت أرضى باللي ربنا كتبهولي…وماعنديش إستعداد أسمع أي نقاش تاني ف الموضوع ده…رفض عمرو الضغط عليها اكثر من ذلك حتى لا تتفاقم حالة الإكتئاب لديها…ظلت طيلة هذه الأشهر حبيسة المنزل ترفض الخروج أو رؤية أحد…شعرت أن ماحدث لها هو نهاية العالم…عاشت على أمل ان تستطيع الأيام مداواة جراحها…فإلى متي تستطيع التحمل وإلى متى يطيق عمرو الإنتظار
***********************************
ابدلت ملابسها وخرجت مسرعة بعد أن جاءها إتصال من صديقتها التي يبدو من صوتها انها تعاني من خطب ما…طرقت باب شقتها لمرات قبل أن تفتح لها وهي في حالة من الإنهيارالتام ثم تعود إلي الداخل …دخلت خلفها واغلقت الباب وجلست بجوارها قائلة بقلق:إيه يا مشيرة اللي انتي عملاه ف نفسك ده?!وإيه كمية السجاير اللي شربتيها دي كلها…حرام عليكي نفسك وصحتك…حصل إيه لده كله?انتي متخانقة مع هاني ولا حاجة?
أجابتها وهي تبكي بصوت أقرب إلي الصراخ:الندل الجبان سابني يا منى…بعد ماضيعت تلت سنين واكتر من عمري معاه …بعد ما اديته كل حاجة يقولي أنا مش ممكن اتجوز واحدة بقالي تلت سنين ماشي معاها…قلتله بلاش جواز بس نفضل مع بعض وتخليك جنبي …يقولي يفتح الله اصل أنا نويت ابقى محترم…وأنا مين خلاني مش محترمة غيره
احتضنتها منى وربتت على ظهرها قائلة:إهدي بس يا مشيرة…ما احنا كنا عارفين ان ده حيحصل من زمان وان اليوم ده مسيره حييجي…وأنا ياما حذرتك من اللي اسمه من اللي اسمه هاني ده
اجابتها مشيرة وهي مازالت على بكائها:بحبه يا منى …غصب عني بحبه …أنا ما كنتش عايزة منه حاجة غير إنه يفضل جنبي وبس…أنا كنت بأديله كل الفلوس اللي يطلبها عشان مايفكرش ف يوم انه يبعد عني…وبرضه اللي كنت خايفة منه حصل…اعمل إيه بس?اعمل إيه?ده انا قعدت اترجاه ماكانش فاضل غير اني أبوس رجله…ورغم كده برضه رماني على الأرض زي الكلبة ومشي…والمصيبة اني ما اعرفلوش عنوان ولا مكان اروحله فيه…بقى بعد ما اطلقت من جوزي وضيعته عشان خاطره برضه يسيبني.
ضمتها منى إليها أكثر وقالت في حنان بالغ:إهدي انتي بس…والله هو ما يستاهل دمعة واحدة من دموعك دي…انا اصلا مش فاهمة انتي زعلانة على ايه…اللي زي ده تكسري وراه زير مش قلة وتقولي كلب وراح
لم تجيبها مشيرة فهزتها منى برفق لتفاجئ بأنها قد فقدت وعيها…عندها صرخت قائلة بفزع:مشيرة
***********************************
شعرت بأنه بات يتهرب من زيارتها في الأونة الأخيرة هربا من ضغطها المتواصل عليه خاصة بعد فشل عملية زوجته الأخيرة…عدة اشهر مرت ولم يزرها فيها سوا مرات قليلة…لذلك فقد قررت مباغتته بزيارة في مكتبه…لتعيد حديثها بشأن زواجه من أخرى…ولكنها هذه المرة لن تسمح له بالرفض مجددا…نعم ستخيره بينها وبين زوجته ولتنظر أيهما يختار
في نفس الوقت كانت يمنى تجلس في منزلها وتشعر بالملل…شعرت أنها قصرت في حق عمرو كثيرا في الأونة الأخيرة…فما أن تخرج من نوبة إكتئاب بسبب رحيل والديها حتى تدخل في أخرى بسبب فشلها في موضوع الإنجاب..لذلك فقد عزمت على أن ترتدي ثوبا مناسبا لفترة السهرة وتتوجه إلى مكتبه لتفاجئه بهذه الزيارة وتطلب منه دعوتها إلى تناول العشاء معا خارج المنزل لتكسر من حدة روتينهم اليومي الذي صار مملا لأقصى حد…وصلت المكتب ودلفت إلى غرفة السكرتارية الخاصة بعمرو ولكن سكرتيرة مكتبه لم تكن موجودة…فقررت أن تفاجئه …وما إن وضعت يدها على مقبض الباب وادارته لينفتح الباب قليلا حتى تنامى إلى مسامعها صوت كلماته التي يوجهها إلى والدته قائلا:يا ماما ارجوكي ماتضغطيش عليا اكتر من كده
فريدة بصرامتها المعهودة:اسمع يا عمرو ودي آخر مرة حاقولك الكلام ده…قسما بالله العظيم لو ماكنت تتجوز وتجيبلي الحفيد اللي نفسي فيه لأكون متبرية منك ليوم الدين…ولا حتكون ابني ولا عايزة حتى اعرفك…يا تختارني وتختار رضايا عنك يا تختار مراتك وده آخر كلام عندي
عندها فتحت يمنى الباب ودخلت منه ليتجمد عمرو في مكانه من المفاجأة …بينما أشاحت فريدة بوجهها بعيدا محاولة إخفاء سعادتها بمعرفة يمنى بالأمر
جالت ببصرها بينهما قبل أن تقول بألم:مافيش داعي انك تخسر مامتك عشاني يا عمرو…هيا معاها حق…من حقها تشوف أحفادها وتفرح بيهم…لو ماكانش عن طريقي يبقى عن طريق غيري
عمرو بذهول:يعني إيه الكلام ده يا يمنى?
يمنى:يعني أنا موافقة انك تتجوز يا عمرو
**********************************
في صباح اليوم التالي كانت تجلس في شقتها وتفكر فيما قالته بالأمس …هل تراها تسرعت حين وافقت على أمر زواجه…وهل حقاً تتحمل زواجه من أخرى رغم حبها الشديد له…شعرت انه من الظلم أن تفكر بأنانية في نفسها وفقط…يكفي ان عمرو قد تحملها لأكثر من سنتين رغم عشقه الشديد للأطفال …فإن كانت إرادة الله تعالى أن يحرمها من الإنجاب فما ذنبه أن يحرم هو الآخر?وبالرغم من كل ذلك تشتعل بصدرها نيران الغيرة كلما تخيلت غيابه عنها ليكون بصحبة أمرأة أخرى حتى وإن كانت تلك الأخرى زوجته أيضا…ترى لماذا اختار أن يبيت ليلته خارج المنزل…هل حقا سافر لإنشغاله بإحدى القضايا…أم أنه يهرب منها…وبينما هي غارقة في بحر أفكارها إذ سمعت صوت جرس الباب …تعجبت لذلك فهي لا تنتظر احدا وهو بالتأكيد ليس عمرو…اقتربت من الباب وأجابت الطارق قائلة:مين اللي بيخبط?
جاءها صوت نسائي يقول:أنا مروة يا يمنى افتحي
يمنى بدهشة ممزوجة بالفرح:مروة…حاضر حافتح
اتجهت إلى الباب وفتحته لتجد أمامها مروة وهي تحمل طفلا صغيرا لم تستطع تحديد هويته أو عمره بالضبط…استقبلتها وعلى وجهها إبتسامة عريضة وهي تقبلها قائلة:ازيك يا مروة…إيه المفاجأة الحلوة دي
اجابتها قائلة بإبتسامة مماثلة:طيب مش حتقوليلنا اتفضلوا الأول
يمنى:ده على أساس انكوا مستنيين عزومة مثلا …اللي جابلك يخليلك صحيح…مين الآمور ده يا مروة?
مروة:على فكرة الآمور ده المفروض يزعل منك دلوقتي عشان مش عارفاه….مع إنه يبقى ابن ابن خالك…وابن اعز صحباتك
تهللت أساريرها وقالت بسعادة:معقول ده آدم
مروة:أيوه يا ستي هو ده آدم…إيه رأيك فينا بقى ?مش برضه حلوين وزي العسل
يمنى :ممكن تجيبيه أشيله شوية يا مروة?
مروة:بس هو يرضى بس…ده أنا واخداه من مامته بالعافية لما رضي ييجي معايا
حاولت يمنى حمله فلم يمانع فأجلسته على حجرها…وقبلته قائلة بإبتسامة:وكنتي واخداه فين كده ومبهدلاه معاكي?
مروة:شوفي يا ستي…بقى الأستاذ آدم بكرة ان شاءالله أول عيد ميلاد ليه…وكنت واخداه عشان اشتريله هدية عيد ميلاده…شوفتي بقى يا ستي انتي لسه بتتعرفي على الراجل وهو عنده سنه ازاي
يمنى:أنا شفته مرة واحدة قبل كده وقت ما ماما وبابا اتوفوا …كان عنده وقتها حوالي تلت أو اربع شهور…بس أنا ماكنتش مركزة وقتها وكمان هو دلوقتى كبر ماشاءالله….ثم وجهت كلامها لآدم قائلة:ماتزعلش يا حبيبي من طنط يمنى…بس تعرف انت آمور آوي يا أدم…لو كنت اعرف كده كنت قابلتك من زمان
مروة:هو ممكن يسامحك بس بشرط واحد…توعديه انك تحضري عيد ميلاده بكرة ان شاءالله …والراجل جالك لحد عندك آهو عشان يعزمك بنفسه…قلتي إيه بقى?
يمنى:صدقيني مش حينفع يا مروة …
مروة بإصرار:حينفع ان شاءالله…مش حاقبل منك أي اعذار وبجد لو ماجيتيش حازعل منك …وأسماء كمان قالتلي انها حتتصل بيكي وتعزمك …لسه فيه حد تاني عايزاه يعزمك عشان توافقي انك تيجي
يمنى:مش عارفة اقولك ايه بس يا مروة?
مروة:تقوليلي انك جاية خلاص…وانا حاعدي عليكي عشان اروح معاكي لانك طبعا ماتعرفيش العنوان
يمنى:ان شاءالله ربنا يسهل
مروة وهي تنهض من مكانها:طيب اسيبك أنا بقى عشان الحق أودي آدم لمامته…واشوفك بكرة ان شاءالله
يمنى:ماتخليكي قاعدة معايا شوية أنا لسه ماشبعتش من آدم ولا منك
مروة:لا يا اختي أنا ماشية احسن يكون جوزك جاي ولا حاجة?
يمنى:لا من الناحية دي اطمني خالص …جوزي بايت بره من امبارح …عنده قضية بره اسكندرية ولسه حيرجع بعد بكرة إن شاءالله
مروة:معلش أنا حامشي عشان خاطر آدم…يمنى…انا عزمتك مخصوص عشان تخرجي من حالة الإكتئاب اللي انتي فيها دي…على فكرة يحيى بيسألني عليكي علطول لما بيكلمني لأن صوتك مش بيريحه…وانا باضطر اكدب عليه واقوله انك كويسة
يمنى:كده احسن مافيش داعي تقلقيه
مروة:يلا سلام بقى
يمنى:مع السلامة يا حبيبتي…مع السلامه يا دومي
*********************************
عادت من عملها وصعدت الدرج مسرعة إلى شقتها ….فتحت الباب واخرجت من حقيبتها شريحة جديدة لهاتفها المحمول…اشترتها خصيصا لمكالمة هاني الذي صار يرفض الإجابة على إتصالها…وضعت الشريحة في الهاتف وهي تدعو الله ان يكون هاني مازال محتفظا برقمه ولم يغيره…حمدت الله كثيرا حينما جاءها صوت الإتصال على الجانب الآخر…انتظرت قليلا قبل أن يأتيها صوت هاني الذي أجاب عندما وجده رقما غريبا وما إن أتاه صوت مشيرة حتى هم بإغلاقه مرة أخرى…إلا أنها استوقفته قائلة:استنى يا هاني ماتقفلش…فيه حاجة مهمة عايزة اقولك عليها
هاني بنفاذ صبر:عايزة إيه يا مشيرة?مش خلصنا خلاص
مشيرة:لأ لسه ما خلصناش ولا حاجة…هاني…أنا حامل يا هاني………………..
يتبع
تسللت اشعة الشمس بخيوطها الذهبية لتداعب نافذة غرفتها معلنة قدوم يوم جديد…تململت في فراشها وهي تتذكر زيارة مروة لها بالأمس ودعوتها التي لا تستطيع حتى الآن رفضها أو قبولها…أخرجها من شرودها صوت هاتفها الذي اعلن قدوم إتصال من شيرين…فتحت الخط ليأتيها صوتها قائلا:يا صباح الفل…شكلي كده صحيتك من النوم
فتحت عينيها بتثاقل واجابتها قائلة: لا ابدا أنا كنت صاحية …ازيك يا شيرين?أخبارك إيه?
شيرين:الحمد لله …على فكرة أنا ادامي ساعة بالظبط واوصل اسكندرية
يمنى:توصلي بالسلامة يا حبيبتي
شيرين:اعملي حسابك ان انا حاروح أزور خالتو إحسان وبعدين اعدي عليكي عشان نروح سوا لأسماء…أنا عارفة انك معزومة على عيد ميلاد آدم
أجابتها يمنى قائلة بتلعثم:ربنا يسهل
شيرين:يلا سلام مؤقتا لغاية ما أشوفك
يمنى:مع السلامة
************************************
شيرين:معقول يا بنتي لسه مالبستيش…امال لو ماكنتش مكلماكي…دي أسماء عايزانا نروح بدري عشان نحضر معاها…ماهي اكيد قالتلك ف التليفون…ولا انتي عايزانا نروح ف الآخر زي الضيوف
فركت يمني كفيها في توتر قائلة:مش عارفة اقولك ايه يا شيرين…انا مش عارفة اصلا إذا كنت حاروح ولا لأ
شيرين بدهشة:ليه يا يمنى?انتي لسه ماقولتيش لدكتور عمرو ولا إيه?
بتردد أجابتها قائلة:لأ ماقلتش…لإني متأكدة اني لو قلتله مش حيوافق
ازدادت دهشتها وهي تسألها مستفسرة:ليه يا يمنى …إيه المشكلة ف انك تروحي يعني
اجابتها قائلة بجدية:في الحقيقة يا شيرين…عمرو مانعني اروح لأسماء عشان خاطر عماد…اصله بيغير منه اوي عشان عارف انه كان عايز يتجوزني…فاكرة يوم لما ماروحتش كتب كتاب أسماء وعماد
هزت شيرين رأسها فأردفت قائلة:عمرو هو اللي رفض يومها وقالي أي حاجة تخص عماد انسيها خالص
شيرين :معقول دكتور عمرو بيفكر بالطريقة دي
يمنى:للأسف ايوه…ده انا حتى مرة اشتكيت لمامته من موضوع عماد ده …كلمتني يومها بطريقة وحشة وقالتلي الحاجة اللي جوزك مابيحبهاش ماتعمليهاش
شيرين:طب والعمل دلوقتي إيه?
رفعت حاجبيها قائلة في حيرة:مش عارفة…بس انا فعلا عايزة اروح…لو مارحتش أسماء ومروة حيزعلوا مني…ده غير إني اتعلقت بأدم آوي لما كان هنا امبارح ونفسي اشوفه تاني
حثتها شيرين قائلة:طب ماتجربي كده يا يمنى مش يمكن يوافق…الموضوع عدى عليه وقت يعني
يمنى بيأس:ريحي نفسك مش حيوافق…بس انا جاتلي فكرة
شيرين:اوعي تقوليلي اروح من وراه
يمنى:مش بالظبط…انا حاقوله ان انتي هنا ف اسكندرية وانك عايزاني اروح معاكي مشوار من غير ما اقوله فين بالظبط…وانا فعلا رايحة معاكي…يعني بكده اقدر اروح من غير ما اكدب عليه
نظرت إليها شيرين بعدم تصديق قبل ان تقول:تفتكري اللي حتعمليه ده كده صح يا يمنى…انا عن نفسي ما اقبلش اني اعمل ده مع عصام
يمنى بضيق:يوووه يا شيرين اعمل ايه يعني…ماهو اللي اضطرني لكده…والله دي حتكون أول وأخر مرة اعمل فيها كده…عن اذنك بقى حاروح اكلمه واكلم مروة اقولها اني حاروح معاكي واغير هدومي وارجعلك
**********************************
في منزل عماد كان الجميع سعيدا بقدوم يمني …خاصة انها المرة الأولى التي تزورهم فيها…كان يوما ممتعا بالنسبة لها…قضت معظمه في ملاعبة آدم وإنتزاع ضحكاته بعد أن اعتطته الهدية التي ابتاعتها من اجله وهي في طريقها إلى منزل عماد…لأول مرة منذ فترة تشعر انها سعيدة حقا…وتضحك من اعماق قلبها…لقد كانت فعلا في أشد الإحتياج إلى مثل هذا اليوم…الشئ الوحيد الذي كان يؤرقها حقا ويشعرها بغصة في حلقها كلما رأت عماد وهو يحمل طفله الصغير ويلاعبه ويحتضنه في سعادة …تذكرت عمرو ومدى إشتياقه لأن يعيش مثل هذه اللحظات…لذلك فقد صممت ان تضحي من اجله…حتى لا تحرمه هذا الإحساس
بعد فترة ليست بالقليلة استأذنت يمنى لتغادر…حاول عماد ويمنى إستبقائها قليلا ولكنها رفضت متعللة بتأخرها
يمنى:حتيجي معايا يا شيرين ولا لسه قاعدة?
شيرين:لا معلش يا يمني…اصل عصام جاي ف الطريق بعد ماخلص شغله…حنبات عند خالتو إحسان وبعدين نروح بكرة الصبح ان شاءالله
يمنى:ماشي يا حبيبتي …خليكي براحتك
استوقفتها مروة قائلة:استني يا يمنى…انا اللي جاية معاكي
محمود:ليه يا بنتي ماتستني لما نروح كلنا سوا
مروة:معلش يا بابا حضرتك عارف ان عندي مذاكرة كتير…انا جيت بس عشان خاطر أستاذ آدم مايزعلش
محمود:يبقى يلا بينا نروح كلنا وخلاص
عماد:معقول يا بابا حتمشوا بدري كده
يمنى:لو حضرتك يا خالي عايز تروح عشان خاطر مروة فانا حاوصلها بنفسي …ماتقلقش حضرتك
فاطمة:خلاص يا محمود…خلينا احنا قاعدين شوية كمان عشان خاطر عماد وأسماء مايزعلوش…ومروة حتروح مع بنت عمتها
يمنى:طيب عن اذنكو بقى يا جماعة وكل سنة وآدم طيب
أسماء:وانتي طيبة يا حبيبتي…ابقي تعالي زورينا يا يمنى…وماتخليهاش اول واخر مرة
محمود:ابقي طمنيني عليكي يا بنتي
يمنى:حاضر يا خالي…يلا بينا يا مروة
مروة:ابوس آدم بس ونمشي علطول
وبالفعل قبلت كل من مروة ويمنى آدم ثم خرجتا معا في نفس الوقت الذي كانت فيه مشيرة تخرج من شقتها بإتجاه المصعد..سبقتهما إلى داخل المصعد وعندما همت يمنى أن تدخل خلفها جذبتها مروة من ذراعها قائلة:استني يا يمنى
نظرت إليها مشيرة بريبة قائلة:ماتتفضلوا
اجابتها مروة قائلة بضيق:لا شكرا …اتفضلي حضرتك
رفعت مشيرة كتفيها في لامبالاة وقالت:براحتكوا ثم اغلقت باب المصعد ليهبط بها إلي الأسفل…التفتت يمنى إلي مروة قائلة:فيه ايه يا بنتي…مش كنا ركبنا مع الست وهيا نازلة …ما الأسانسير ياخدنا احنا التلاته اهوه
مروة:لا يا اختى…انا مابحبش الست دي ولا بارتاحلها ومش عايزة اركب معاها
اجابتها يمنى مستنكرة:ليه بس?ماالست ماشية ف حالها آهيه …هو حصل اي موقف بينك وبينها قبل كده?
مروة:بصراحة اصلي شفتها مرة قبل كده وانا جاية لعماد وكان معاها راجل في الأسانسيير وكانوا بيبوسوا بعض والظاهر انهم كانوا مندمجين اوي لدرجة انهم ماخدوش بالهم ان الأسانسيير وصل بالسلامة
يمنى:يا بنتي إن بعض الظن إثم…مش يمكن يكون جوزها
مروة:تصدقي ان انتي طيبة اوي يا يمنى…بقى فيه راجل برضه حيبوس مراته ف الأسانسير…ليه مالهمش بيت يلمهم…ثم انا سألت أسماء وقالتلي ان هيا بنفسها اللي قالتلهم انها مطلقة…وقالتلي كمان ان البواب حذرهم منها اول ما جم يسكنوا هنا وقالهم انها ست مش كويسة
في اثناء حديثهم كان المصعد قد وصل بهم إلى الطابق الأرضي …خرجت يمني اولا قائلة:اطلعي يا اختي …ومالكيش دعوة بحد خلينا ف حالنا أحسن …وصلتا معا إلي مدخل العمارة في نفس الوقت الذي كانت فيه مشيرة ومنى معا تتحدثان أمام المدخل
مني بلهفة:هايا مشيرة قولتيله على موضوع الحمل
مشيرة بخيبة امل:أيوه يا ستي قولتله…وطلع احقر مما اتصورت …تصوري الحيوان بيقولي اعملي عملية ونزليه ولا شوفيلك واحد مغفل اتجوزيه واضحكي عليه واكتبيه بإسمه
في هذه اللحظة خرجت كل من يمنى ومروة معا من باب العمارة …لتلقي مروة نظرة مشمئزة على كلتيهما قبل أن تلتفت ليمنى قائلة:جالك كلامي…آهي الهانم حامل والبيه بتاع الأسانسيير طلع ندل ومش راضي يتجوزها
يمنى:استغفر الله العظيم …سبحان الله أنا وجوزي حنموت علي طفل ومش طايلينه واللي ربنا بيرزقهم عايزين يتخلصوا منه …شوفتي حكمة ربنا…ثم أنا مش فاهمة ازاي واحدة ست يممكن يجيلها قلب تتخلص من ابنها…اوحتي تنسب طفل لشخص غير أبوه …ويكون ليه كل حقوق الإبن من ميراث وغيره…بقولك إيه السيرة دي خلتني حاسة إني عايزة ارجع…يلا اركبي خليني اروحك
مروة :على رأيك …يلا بينا
لاحظت مشيرة ومنى تلك النظرة التي رمقتهما بها مروة قبل ان تغادر…تحدثت مني قائلة بجدية:باين عليهم سمعونا واحنا بنتكلم يا مشيرة…شايفة البنت بتبصلك ازاي…هما دول جيرانك ف العمارة?
مشيرة بلا مبالاة:لأ…البنت اللي كانت بتبص علينا دي اعتقد انها قريبة المحامي اللي اسمه عماد اللي ساكن قصادي…لكن التانية دي ما اعرفهاش…ثم اكملت قائلة بضيق:انتي كمان يا مني مالقيتيش مكان تسأليني فيه سؤال زي ده غير على باب العمارة يعني?
منى:الله…ما انا بقالي ساعة قاعدة ف العربية مستنياكي تنزلي من ساعة ماكلمتك …ولما اتأخرتي عليا كنت طالعالك لقيتك عند الباب نازلة وكنت ملهوفة اعرف هاني قالك إي
زفرت مشيرة قائلة:خلاص مالوش لزوم الكلام ده…اللي حصل حصل…وعموما مش حتفرق اوي يعني…مش حتتنيل اكتر ماهي متنيلة…انا اصلا حاسة ان سمعتي بقت زي الزفت ف العمارة كلها
منى:طيب يلا بينا نركب العربية ونفكر حتعملي إيه وكمان عشان تقوليلي ماجيتيش الشغل النهاردة ليه…يلا بينا
*******************************
عاد عمرو إلى الإسكندرية بعد أن انهي عمله …اشتاق كثيرا إلى زوجته رغم خشيته من مواجهتها…لقد كانت كلمتها أمام والدته إيذانا لها بأن تبدأ حربا ضروس قررت الأ تخرج منها منهزمة هذه المرة…فلم يعد لديه حجة مقنعة للرفض بعد الآن…فقد كانت يمنى تشكل حائط الصد المنيع أمام زواجه بأخرى…لم تشكر لها صنيعها ولكنها اعتبرته واجبا كان يتحتم عليها منذ فترة ان تفعله…أما عمرو فقد شعر ان الحياة قد وضعته أمام إختيارين احلاهما مر بالنسبة له …فهو يعشق زوجته محبوبته ولا يريد ان يكون سببا في جرحها…ولكنه كم يتمنى ان يستمع إلى كلمة بابا تنطلق من شفاه طفل يركض إليه مبتسما عند عودته من عمله متعبا…فتزيح هذه الإبتسامة عن كاهله عناء اليوم باكمله…يسأله ببراءة عما احضره من اجله فتمتد يده إلى جيبه ليخرج قطع الحلوى التي اشتراها من اجله…وينظر إليه وهو يلتهمها في سعادة فتكتمل سعادته هو الأخر…كما انه لم يعد يحتمل تهديدات أمه له بأن تقصيه من حياتها وهو الذي عهده الجميع منذ صغره إبنا بارا لا يعرف للعقوق طريق
بعد ان انتهى من تناول طعامه أخذ دشا دافئا ودخل إلى غرفته حيث تجلس يمنى…اقترب منها وقبل وجنتها في شوق قائلا:وحشتيني اوي على فكرة
اجابته بشوق مماثل:وانت كمان وحشتني…بس لازم نتكلم الأول يا عمرو
اشاح بوجهه بعيدا حتى لا تفضحه عيناه وهو يقول:لو الموضوع اللي اتكلمنا فيه ف المكتب يبقى بلاش احسن
يمنى:وهو احنا بقى عندنا موضوع غيره نتكلم فيه
اقترب منها عمرو ونظر إلى عينيها مباشرة في محاولة منه لإستشفاف مدى جديتها في هذا الأمر وقال بهمس:افهم من كده انك كنتي بتتكلمي بجد لما قلتي كده…مش مجرد كلام عشان ترضي ماما وخلاص
أجابته بإصرار قائلة:ايوه كنت بتكلم جد…ولعلمك انا من ساعتها مابطلتش تفكير ف الموضوع ده…يا عمرو انت من حقك تكون أب وانا مااقدرش احرمك من الحق ده…ومش معقول حستنى لحد ما مامتك تقاطعك بسببي…وانت كتر خيرك انك استحملتني لحد دلوقتي
عمرو :يعني انتي مش حتكوني زعلانة أو مضايقة لو انا عملت كده?
حاولت ان تخفي المها خلف إبتسامة باهتة رسمتها على شفتيها وهي تجيبه قائلة بتماسك مزيف:ده حقك اللي ربنا اداهولك…وانت مش أول راجل يعمل كده
كانت تحاول بكلماتها أن تقنع نفسها قبل إقناع عمرو…كانت تحاول إسكات صوت الأنثى الذي يصرخ بداخلها معترضا أن تشاركها أخري في زوجها الذي كانت تظن أن صك ملكيته بيدها
شعر عمرو بالإرتياح لكلامها وشعر أن ضميره قد أخذ مخدرا طويل المفعول…ولكن قلبه الذي ينبض بحبها يأبى الخضوع …ويأبى إلا أن يصرخ فيه قائلا:لن اسمح لأخرى أن تسكنني مادمت انبض…فأنا لا أنبض إلا بها ومن أجلها فقط
اقترب عمرو منها وضمها إلي صدره ثم مسح على شعرها قائلا:اللي عايزك تتأكدي منه يا حبيبتي…ان حتى لو ده حصل قلبي مش حيقدر يحب غيرك انتي وبس…حتفضلي انتي أول وآخر واغلى حب ف حياتي.
انتفضت يمنى من مكانها قائلة:عن اذنك أنا داخلة الحمام…ثم دخلت مسرعة واغلقت الباب خلفها ووقفت خلفه ودموعها تهطل في صمت وهي تحدث نفسها قائلة:ياااااه يا عمرو…ده انت ماصدقت وكإنك كنت مستنيني أشيل عنك الحرج…ده أنا كنت فاكراك حتصرخ فيا وتقولي انا ما اقدرش اعمل كده فيكي ابدا.
كفكفت يمنى دموعها وقالت في همس:خلاص اللي حصل حصل…فات أوان الرجوع…يا رب يا رب قويني اني أقدر اتحمل اللي جاي
******************************
بعد مرور أسبوع كانت مشيرة تجلس بمكتبها الذي تشاركها إياه منى …كاد قلبها أن يرقص فرحاوهي تحادث أحدهم في الهاتف …سمعتها منى وهي تقول بفرحة:انت متأكد من الكلام ده يا عم دسوقي?…………….،طبعا طبعا ليك الحلاوة ودي عايزة كلام……………..،متشكرة اوي ………..مع السلامه
قطبت منى جبينها في دهشة وهي تراها على هذه الحالة فبادرتها قائلة:مشيرة…مش دسوقي ده يبقى الفراش بتاع مكتب عمرو الألفي
مشيرة مصدقة على كلامها:أيوه هو …الجاسوس بتاعي مش عايزة تقولي كده
منى:وده إيه اللي فكره بيكي?ده بقاله اكتر من سنتين من يوم عمرو ما اتجوز مابيكلمكيش
مشيرة:عشان ماكانش فيه حاجة مهمة يقولها…بس النهاردة بقى كان جايبلي خبر بمليون جنيه
منى بتهكم:اللهم اجعله خير
مشيرة بسعادة:كل خير…هو كان بيقولي ان عمرو حيتجوز
منى بدهشة:يتجوز تاني
مشيرة:ايوه اصل مراته ما بتخلفش…وعم دسوقي سمعه وهو بيكلم مامته وبيقولوا انه بيدور على زوجة تانية فكلمني علطول
مني :طب وانتي ناوية على إيه يا مشيرة?
مشيرة وقد لمعت عيناها بخبث:ودي عايزة كلام برضه…فرصتي وجت لحد عندي…مش لازم اضيعها المرةدي كمان
منى:يعني إيه ?
مشيرة:يعني المرةدي مافيش هاني…خلاص يبقى فيه عمرو
منى بذهول:إيه اللي بتقوليه ده يا مشيرة?
مشيرة:بقولك اني لازم اتجوز عمرو وف اسرع وقت ممكن ولازم اتحرك بسرعة قبل مايلاقي عروسة
منى:وانتي ضامنة اوي كده انه حيرضى يتجوزك
نظرت إلى الفراغ أمامها وهي تقول بتحد ظاهر:بكرة تشوفي مشيرة حتعمل إيه………….
يتبع