رواية زوجي العزيز عفوا لست قاتلة (جميع فصول الرواية) للقراءة والتحميل pdf

رواية زوجي العزيز عفوا لست قاتلة الفصل السادس

ارتسمت معالم الذهول والدهشة علي وجهيهما…ظلا صامتين للحظات قبل أي يقطع رامي ذلك الصمت قائلا:وده حصل امتى إن شاءالله،?

أجابه عصام الذي اقترب ليقف بجوار شيرين منتظرا منها تأكيدا لكلامه:اعتقد ان دي حاجة ماتخصكش…ثم أنا لحد دلوقتي ماعرفتش انت مين وعايز إيه من شيرين

ظل رامي ينظر إليه بشك ثم مالبث أن قال:يعني مش شايف دبلة لا فإيدك ولا فإيدها

أجابه عصام قائلا بنفاذ صبر:قريب اوي ان شاء الله حنعمل الخطوبة …فيه أي تحقيقات تانية?

نظر رامي إلي شيرين محاولا أن يستوضح منها حقيقة الأمر فقال متسائلا:بجد يا شيرين …الجدع ده يبقى خطيبك زي مابيقول

ظلت تنقل بصرها بينهما في تردد…كان يتصارع داخلها في ذلك الوقت شعورين متناقضين …فبقدر ما كانت تشعر بالسعادة…فهاهي قد وجدت اخيرا من يحميها ويهتم لأمرها…بقدر ما كانت غاضبة منه لأنه تفوه بهذه الكلمات دون إذن منها…طال صمتها مما جعل الشكوك تساور رامي مجدداً فقال:ما تردي يا شيرين…الكلام ده مظبوط ولا لأ

شعر عصام بالقلق من سكوتها الطويل…خشي ان تكون الإجابة في غير صالحه… فأجاب هو قائلا:ممكن توجه كلامك ليا أنا وتقول انت مين قبل ما افقد اعصابي وما اضمنش ساعتها ممكن اعمل ايه

بدا واضحا أن فارق القوة الجسمانية لصالح عصام…الأمر الذي جعل الخوف يتسرب إلى نفس رامي الذي اجابه قائلا:انا رامي اخو فيفي مرات باباها

رسم عصام على وجهه إبتسامة صفراء قبل ان يقول:تشرفنا يا أستاذ رامي…اي خدمة?

رامي:انا لحد دلوقتي ماسمعتش رد شيرين على سؤالي

عقدت شيرين ذراعيها أمام صدرها وقالت ببرود:انا ماليش كلام بعد كلمة عصام…واظن انك سمعت اننا مخطوبين…لسه عندك حاجة تانية تقولها?

شعر رامي بخيبة الأمل فانصرف قائلا:انا ماشي …عن اذنكو

عصام بحدة:بالسلامة…ويا ريت ما توريش وشك لشيرين مرة تانية…ولو حاولت انك تتعرضلها تاني حيبقى آخر يوم ف عمرك

انصرف رامي بعد ان القى عليهم نظرة ساخطة لتلتفت شيرين إلى عصام الذي يبدو ان حمم بركانها ستطاله هو الآخر…اندفعت تعنفه قائلة:انت ازاي تتجرأ وتقول انك ….

وضع عصام يده على فمها مانعا إياها من إستكمال كلامها…باغتتها فعلته فارتبكت وتراجعت للخلف…فسبقها بالحديث قائلا:شيرين…ممكن لو سمحتي تهدي وتديني فرصة اشرحلك…انا كنت جاي النهاردة اصلا عشان اقولك إني بحبك وعايز اتجوزك…ولما شفت البني ادم ده وهو بيتعرضلك فكرت ان دي الطريقة الوحيدة عشان اخليه يبعد عنك…مش قصدي ابدا إني أجبرك توافقي على حاجة انتي مش عايزاها…ولو مضايقة من اللي عملته…فأنا أسف لو كنت اتجاوزت حدودي…لكن ده ما يمنعش اني اسمع ردك على طلبي دلوقتي…وصدقيني لو رفضتي اوعدك انك مش حتشوفي وشي مرة تانية….واعتقد ان اللي اسمه رامي ده خلاص مش حيتعرضلك تاني بعد كده..هايا شيرين…أنا بحبك وعايز اتجوزك قلتي إيه?

تنهدت شيرين تنهيدة طويلة ثم قالت في إرتياح:اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً رسول الله…اخيرا أبو الهول نطق…ده أنا كنت خلاص فقدت الأمل انك تقولها

تهللت أساريره وقال بسعادة:بجد يا شيرين!يعني انتي كنتي حاسة بحبي ليكي

شيرين:كل مرة كنت بتكلمني ف التليفون كنت بقول لنفسي خلاص حيقولها…لأ المرة الجاية …لأ اللي بعدها…لحد ما ابتديت اشك ف نفسي وأقول معقول يكون بيتهيألي

عصام:اعمل إيه?ماكانش ينفع أقولك حاجة زي دي وأنا عاطل وقاعد ف البيت وماعنديش أي حاجة اقدمهالك…المشكلة ان أنا لحد دلوقتي ورغم اني اشتغلت ف شركة كويسة وبمرتب محترم …لكن لسه ماعنديش شقة عشان نتجوز فيها

أجابته شيرين قائلة:يا سيدي نتجوز ف شقة إيجار مؤقتا يعني لحد ماظروفنا تتحسن

عصام:طيب ونفرشها منين

شيرين:مش انت دلوقتي بتشتغل وأنا كمان باشتغل ونفرشها واحدة واحدة ان شاء الله

عصام بإبتسامة:وإذا قلتلك اني مش معايا اجيبلك شبكة ف الوقت الحالي

شيرين بنفاذ صبر:أسلفك

عصام:بس انا مااقبلش بكده

شيرين:خلاص…يبقى الشبكة ملهاش لزوم

قال ممازحا إياها دون أن تفارقه إبتسامته:ده انتي باين عليكي واقعة اوي

ابتسمت قائلة بخجل:احترم نفسك

نظر عصام إلى عينيها قائلا بهيام:شيرين…انا كل اللي اقدر اقدمهولك بجد هو قلبي اللي كل دقة فيه بتقول بحبك يا شيرين

ترقرقت الدموع في مقلتيها وقالت بأسى:يااااااه…اخيرا لقيت حد يحبني عشان أنا شيرين وبس مش عشان أي حاجة تانية…صدقني ياعصام انا مش عايزة اكتر من كده….عشان كده متمسكة بيك عشان بتحبني لشخصي وبس …وانا يعني اخدت إيه من الفلوس غير انها خسرتني أبويا وأخويا

عصام بحب:اوعدك يا شيرين إني اكون ليكي أب وأخ وزوج وحبيب وصديق وكل اللي بتتمنيه…أنا بس عايزك تحدديلي معاد مع خالتك عشان اجيب أهلي وآجي اطلب إيدك منها…وحابقى اكلمك ف التليفون عشان اعرف منك المعاد…معلش أنا مضطر اسيبك دلوقتي عشان الحق ارجع القاهرة…مش عايزة مني أي حاجة قبل ما امشي

شيرين بإبتسامة:لما توصل طمني عليك…مع السلامه

عصام:الله يسلمك…اشوف وشك

وبالفعل تمت خطبة شيرين وعصام بعدها في حضور كل من يمنى وأسماء …وتم الإتفاق على أن يكون عقد القران قبل حفل الزفاف الذي سيتم تحديد موعده عندما ينتهي عصام من إيجاد الشقة وفرشها

***************************************

جلسا معا أمام الطبيبة وقد بدت خيبة الأمل واضحة علي وجهيهما…فقد انتهت الستة اشهر دون جديد…رمقتها الطبيبة بنظرة مشفقة قبل ان تقول:طبعا انتي عارفة انه ماحصلش حمل وده نتيجة ان إستجابتك للعلاج ضعيفة جدا

عمرو بضيق:والمفروض نعمل إيه دلوقتى يا دكتورة?

الطبيبة:والله لو حضراتكو حابين اننا نمد فترة العلاج على أمل ان الإستجابة اللي مستنيينها تحصل مافيش مشكلة…لكن لو حابين تكسبوا وقت انا ممكن اكتب لحضراتكو اسم وعنوان مركز متخصص في عمليات الحقن المجهري وبعد العملية ممكن نتابع مع بعض…والقرار ليكو ف النهاية

أسرع عمرو قائلا بحزم:احنا موافقين على موضوع العملية…مافيش داعي نضيع وقت اكتر من كده

أؤمات الطبيبة برأسها قائلة:وهو كذلك…انا حاكتب لحضراتكو بيانات المركز …وهناك هما حيفهموكوا على كل حاجة…وياريت تحاولوا ماتتأخروش لأن التحضير للعملية بياخد وقت…وحستناكوا بعد العملية ان شاء الله…وبالتوفيق ان شاء الله

********************************

انصرف عمرو ويمنى إلي منزلهم…كان الصمت هو صديقهم الصدوق في الأثناء…يبدو ان عمرو لم يعد يجد كلمات يواسيها بها…أو ربما هونفسه يحتاج إلى من يواسيه…اما يمنى فقد شعرت ان الموقف اكبر من أي كلمات تقال …فالتزمت الصمت…ورغم ضيقها من قراره الذي اتخذه دون إستشارتها وكأن الأمر يخصه وحده…ولكنه على مايبدو قد صار الحل الوحيد الذي لا بديل عنه…وبالفعل بدأ عمرو ويمنى يترددان على المركز للتحضير للعملية الأمر الذي استغرق بعض الوقت قبل ان يتم تحديد موعد إجراؤها …قرر يحيى تأجيل سفره حتى يطمئن على يمنى أولا…وفي اليوم الذي تقرر فيه عودة يمنى لمنزلها بعد إجراء العملية اعطاها طبيب المركز بعض التعليمات قائلا:اهم حاجة يا مدام يمنى هي الراحة التامة وعدم بذل أي مجهود…ويفضل ان حضرتك تعملي التحليل بعد مرور 15 يوم على عملية زرع الأجنة…وياريت تحاولي تتمشي كل يوم عشر دقايق عشان تنشطي الدورة الدموية ف جسمك…يعني تقريبا كده بتوع الحمام والصلاة مش اكتر من كده
استمعت يمنى لتعليمات الطبيب بإنصات وإهتمام شديدين واكدت على إلتزامها بتنفيذها حرفيا
وبالفعل بعد مرور الخمسة عشر يوما قامت بإجراء التحليل الذي حمل لها ولعمرو ذلك النبأ السار الذي يحلم به كل منهما منذ فترة…ولكنه الآن صار واقعا ملموسا…كانت سعادة الجميع غامرة بهذا الحمل واكثرهم بالطبع فريدة التي ظلت تحصي الأيام حتي يأتي ذلك اليوم الذي تحمل فيه حفيدها بين ايديها
وفي الوقت الذي كان فيه جنين يمنى ينمو بين احشائها…كان هناك جنين آخر يستعد ليطلق صرخته الأولي في هذه الحياة…سبقتها بالفعل صرخات أمه التي شقت سكون الليل لتوقظ زوجها النائم إلى جوارها الذي استيقظ قائلا في فزع:إيه يا أسماء…مالك فيه إيه?

نُرشح لك هذه الرواية المميزة:  رواية ابن رئيس المافيا كاملة (جميع فصول الرواية) للقراءة والتحميل pdf

أسماء وهي تئن من الألم:الحقني يا عماد…شكلي كده بولد

أخذ عماد يدور حول نفسه فترة جاهلا بكيفية التصرف…صرخت فيه أسماء قائلة:انت حتفضل تلف حوالين نفسك كده كتير…بسرعة اتصل بالدكتورة ووديني المستشفى…وشنطة الهدوم حتلاقيها عندك ف الدولاب

عمادوهو يقوم بتبديل ملابسه :حاضر حاضر…انا حاكلم الدكتورة وحاكلم مامتك وماما عشان يحصلونا علي هناك

وبالفعل اتصل عماد بالطبيبة ثم حمل حقيبة الملابس واسند زوجته إلي السيارة وانطلقا في طريقهما إلى المستشفى

*************************************

دخل عماد إلى الغرفة التي ترقد بها زوجته بعد خروجها من العمليات وجلس بجوارها على الفراش ثم مسح على شعرها بحنان قائلا:حمدالله على السلامة يا حبيبتي

أسماء بوهن:الله يسلمك يا عماد…شوفت البيبي?

عماد بسعادة:ايوه انا لسه جاي من عنده…ماشاء الله زي القمر…ربنا يباركلنا فيه…بس انتي خسرتي الرهان على فكرة

أسماء:ما احنا عارفين من زمان اني خسرته…وبقيت انا الأقلية ف البيت وامري لله…بس انت ناوي فعلا تسميه آدم?

عماد:إيه مش عاجبك الإسم ده?

هزت رأسها نافية وقالت:لا بالعكس د ه اسم جميل آوي

في هذه الأثناء دخل والدا عماد وشقيقته ثم تبعهم والدة أسماء وشقيقتها…هنأها الجيع على سلامتها ودعوا الله بأن يجعله ذرية صالحة ويقر اعين والديه به…اتصلت يمنى لتهنئ أسماء وتعتذر لعدم قدرتها على المجئ…فيما زارتها شيرين لتهنئها وتطمئن عليها

*********************************

في مطار برج العرب وقف الجميع هذه المرة في وداع يحيى وهو يغادر البلاد متجها إلى انجلترا ليعود حاملا معه شهادة الدكتوراه في الهندسة المعمارية….بإستثناء يمنى التي منعتها ظروفها عن المجئ وفؤاد الذي تعلل بإنشغاله…ارتفعت الطائرة في الجو وهي تحمل على متنها يحيى محملا بأحلامه وأماله التي يتمنى تحقيقها في بلاد الإنجليز

************************************

كعادتها كل صباح منذبداية الحمل…تتوجه إلى منزل ابنتها…تطمئن عليها وتقوم بكل شئون المنزل ثم تحضر الطعام لزوج ابنتها الغائب في عمله وتودعها على أمل العودة في الغد…صار هذا روتينها اليومي الذي اعتادته….في ذلك اليوم وبعد ان فرغت من كافة اعمال المنزل اقتربت من فراش ابنتها قائلة:خلاص يا حبيبتي انا خلصت كل حاجة…انا حامشي دلوقتي عشان الحق احضر الغدا لباباكي قبل مايرجع من الجامعة…مش عايزة مني حاجة قبل ما امشي?

يمنى:سلامتك يا حبيبتي…ربنا مايحرمنيش منك ابدا يا ماما

نادية:ولا منك يا حبيبتي…بس اعملي حسابك انا مش جاية بكرة

يمنى بأسى:ليه بس يا ماما…ده انا اتعودت اني اشوفك كل يوم

نادية:اصل انا وابوكي مسافرين بكرة دمنهور عند فؤاد اخوكي…ابوكي الولاد وحشوه اوي وفؤاد مش فاضي يجيبهم…حنروح نزورهم ونرجع علطول…مش حنبات هناك عشان خاطرك…ده حتى ابوكي اخد اجازة من الكلية يوم واحد…انا حضرتلكوا اكل لبكرة كمان…ابقي خلي عمرو يسخنه بس…وانا حاكون عندك بعد بكرة إن شاءالله

يمنى:ماشي يا حبيبتي…تروحوا وترجعوا بالسلامة…ابقي سلميلي على فؤاد وصفاء وبوسيلي الولاد

احتضنت كل منهما الأخري وكأنها تودعها لأخر مرة…غادرت نادية ليعود عمرو بعد قليل…كانت يمنى تتململ في فراشها فقد بدأ الشعور بالسأم يتسلل إليها كثيرا في الأونة الأخيرة من طول فترة مكوثها بالفراش…دخل عمرو ملقبا السلام ثم اقترب من فراش زوجته وقبل جبينها قائلا:عاملة إيه النهاردة يا حبيبتي?

يمنى بملل:تعبانة اوي يا عمرو…طول النهار مش باعمل حاجة غير إني أنام واقوم من النوم عشان ارجع أنام تاني…زهقت زهقت اوي

جلس عمرو بجوارها وامسك يدها قائلا:معلش يا حبيبتي استحملي شوية…خلاص هانت…فات تلت شهور بحالهم اهم…عشان خاطري وخاطر ابننا تعالي على نفسك شوية

يمنى:وانا يعني بإيدي إيه أعمله…ما انا لازم آجي على نفسي واستحمل…بس يا رب تكمل على خير…انا كل ما افتكر ان لسه ست شهور على الحالة دي ماتتصورش بحس بإيه

عمرو:افتكري كده لما الست سهور يخلصوا وناخد ابننا ولا بنتنا ف حضننا ساعتها حنحس بإيه

تنهدت يمنى وقالت في ضجر:ياااه…امتى اليوم ده ييجي بس?

******************************************

امسك بهاتفه وشرع في الإتصال بوالده…لم يعد يتذكر كم من المرات فعلها مسبقا من كثرة ما أجرى من إتصالات دون أن يأتيه رد…بدأ الشعور بالقلق يتسرب إلى نفسه…اقتربت منه صفاء قائلة:إيه يا فؤاد…برضه مابيردش

فؤاد:مش فاهم فيه إيه…المفروض يكونوا وصلوا من بدري…انا كده ابتديت اقلق

اعاد الإتصال مجددا ليأتيه صوت نسائى هذه المرة…انتابته الدهشة فسألها مستفهما:لو سمحتي مش ده برضه تليفون دكتور رفعت الصاوي?

اجابته المرأة قائلة:صاحب التليفون ده حضرتك وصل عندنا هنا مستشفي( ) ومعاه واحدة ست من شوية في حادثة عربية

شهق فؤاد قائلا بفزع:إيه!طب وهما عاملين إيه دلوقتى?

المرأة:المدام اللي كانت معاه اتوفت اول ما وصلت المستشفى وهو اتوفى من عشر دقايق بس

سقط الهاتف من يد فؤاد الذي تجمد في مكانه كالتمثال وهو يحدق في الفراغ أمامه…ارتاعت صفاء لمرأه وهو على هذه الحالة فهزته برفق قائلة:مالك يا فؤاد?هو عمي جراله حاجة?

تحجر الدمع في عينيه وهو يجيبها قائلا:ابويا ومراته ماتوا يا صفاء……….

يتبع

شهر كامل مر على وفاة والديها…تجرعت فيه يمنى مرارة اليتم…ولوعة فراق الأحبة…شعرت أن الكون من حولها قد تلفح بالسواد ليشاركها احزانها…أو ربما هي التي لم تعد ترى من الألوان سوى الأسود…شهر كامل مر على فراقهما وما تلاه بعد ايام من فقدها لجنينها الذي كانت تمني النفس بقدومه…شعرت أن الحياة القتها فجأة في بحر الإبتلاء دون أن تمتلك زورق الصبر ليصل بها إلى شاطئ الرضا بقضاء الله تعالى…لكم شعرت انها بحاجة إلى أمها لتواسيها وتخفف عنها مرارة فقد جنينها…وكم احتاجت هذا الجنين لتتصبر به على مأساة فقد والديها دفعة واحدة…ولكن إرادة الله تعالى دائما فوق كل شئ..تحملت كلامات فريدة اللاذعة وهي تلومها وتتهمها بأنها السبب في فقده…وكأن حزنها على والديها الراحلين جرما تستحق العقاب من اجله
أما عمرو فلم يكن بأفضل حال منها…فقد انعكست حالة زوجته النفسية عليه بالسلب…كما تأثر كثيرا بإجهاض زوجته…فاهمل عمله بعض الشئ وصار يجلس وحيدا معظم وقته
ولم يكن فؤاد بأفضل حال من شقيقته هو الآخر…فقد كان شعوره بالذنب يلاحقه أينما ذهب…يتمنى لو عاد والده الراحل إلى الحياة ولو لدقائق معدودة ليرتمي في احضانه ويطلب منه الصفح والغفران…وبالرغم من محاولات صفاء المستمرة للتخفيف عنه وإنتشاله من احزانه إلا ان محاولاتها باءت بالفشل حتى الآن…فقد كان يجلس في غرفته ويبكي والده الراحل كعادته طيلة هذا الشهر…عندما دخلت صفاء لتجده على هذه الحالة …جلست بجواره وضمته إليها ليدفن رأسه في صدرها ويبكي بكاءا تقطعت له نياط قلبها

صفاء:عشان خاطري يا فؤاد ماتعملش فنفسك كده…بقالك شهر على الحالة دي…بلاش يا سيدي عشان خاطري…عشان خاطر ولادك طيب…ماينفعش يشوفوك كده

علت شهقاته وهو يقول:مش قادر يا صفاء…حاسس ان انا السبب ف موته…لو كنت اخدت الولاد ورحتله ماكانش كل ده حصل

صفاء:استغفر ربنا يا فؤاد…ده عمره واجله…مكتوبله يموت ف المكان ده وف الوقت ده…ماتحملش نفسك اكتر من طاقتها

مسح دموعه بكفبه واردف قائلا:عارفة يا صفاء…رغم اني كنت بعيد عنه لكن عمري ما كرهته…ايوه كنت زعلان منه عشان سابني وراح عاش ف اسكندرية لوحده …بس والله كنت مسامحه من كل قلبي…ولو واقف ادامي دلوقتي كنت اترميت ف حضنه وقلتله انا مسامحك وعايزك انت كمان تسامحني…تفتكري انه مات وهو غضبان عليا يا صفاء?

عند هذا الحد لم يستطع فؤاد ان يكمل كلامه ليعلو صوت نحيبه مرة اخرى لتقول صفاء :وحد الله يا فؤاد…وبلاش الكلام اللي مش جايب همه ده…وسيبك بقى من اللي انت فيه ده والتفت لشغلك وبيتك…انت بقالك شهر لا بتروح المزرعة ولا بتطل على الأرض ويا عالم الشغل ماشي ازاي من غيرك

نُرشح لك هذه الرواية المميزة:  رواية تغريد وبدر وميسرة (جميع فصول الرواية) للقراءة والتحميل pdf بقلم ملك عبدالرحمن

فؤاد:معاكي حق يا صفاء…ربنا يخليكي ليا انتي اللي بتهوني عليا حاجات كتير…مش عارف كنت حاعمل ايه من غيرك

ربتت صفاء على ظهره بحنان قائلة:ويخليك ليا يا فؤاد…قوم يلا اغسل وشك وصلي على ما احضرلك لقمة تاكلها

فؤاد:حاضر انا قايم آهوه

****************************************

تحدث عمرو إلي والدته قائلا بإنفعال:يا ماما هو حضرتك كل ماتشوفي وشي تسمعيني نفس الكلمتين…ابوس إيدك كفاية بقى كلام ف الموضوع ده.

علت نبرة صوتها وهي تجيبه قائلة بحدة:كفاية لحد امتى يا عمرو?انا عايزة افهم انتو قاعدين مستنيين إيه?قلتلك اتجوز قلتلي حنعيد العملية من تاني…قلتلك ومستني ايه?قلتلي لما يمر فترة على وفاة حماك وحماتك عشان نفسية الست يمنى تكون اتحسنت…وآهو بقالنا تلت شهور من يوم ما ماتوا …وبرضه مش راضي تقولها…لو انت مكسوف تقولها اقولها انا.

اسرع عمرو قائلا برجاء:لا يا ماما الله يخليكي…خلاص انا حاعرض عليها الموضوع واشوف رأيها إيه

مطت فريدة شفتيها وقالت في إستياء واضح:انت لسه حتعرض عليها وتشوف رأيها…يا ابني انت عايز تموتني بحسرتي

عمرو:بعد الشر عليكي يا أمي…اوعدك اني اقدر اقنعها بالموضوع ده…بس اديني فرصة اختار الوقت المناسب

فريدة بنفاذ صبر:براحتك يا ابني……اديني وراكو لما اشوف اخرتها إيه

تنهد قائلا :كل خير ان شاء الله

************************************

كانت تجلس بغرفتها تطالع احد الكتب…كانت عيناها مثبتة بالفعل على الصفحة التي تقرأها…لكن عقلها كان شاردا في مكان آخر…عندها سمعت صوت المفتاح يدور في الباب معلنا رجوع عمرو…فهيئت نفسها لمفاتحته في الأمر الذي عزمت عليه…دخل إلى الغرفة والقي السلام لتجيبه قائلة:وعليكم السلام ورحمة الله…حمدالله على السلامة

عمرو:الله يسلمك…عاملة ايه النهاردة?

يمنى:الحمد لله…اقوم احضرلك الاكل?

عمرو:لا ماتتعبيش نفسك…انا اصلي اتغديت مع ماما…لو انتي جعانة كلي براحتك

يمنى:لا ماليش نفس…بس كنت عايزه اتكلم معاك ف موضوع مهم

عمرو وهو يلقي بجسده على الفراش:ماينفعش يتأجل لوقت تاني…انا جاي مرهق وعايز انام

يمنى بإصرار:معلش مش هاخد من وقتك كتير

اعتدل عمرو في فراشه وبدا عليه الإهتمام وهو يقول بجدية:خير يا يمنى…موضوع ايه المستعجل اوي ده?

ظلت تفرك كفيها في توتر قبل ان تقول:عمرو…انا قررت اعيد العملية مرة تانية

ظل محدقا فيها بدهشة للحظات…شعر بأنها قد ازاحت ثقلا كبيرا كان جاثما فوق صدره…لم يلبث ان أجابها قائلا:انتي بتتكلمي بجد?!

اكدت كلامها قائلة:ايوه طبعا…انا فكرت كويس ولقيت اني محتاجة اوي وجود طفل ف حياتي…واعتقد ان انت كمان محتاج ده…وعارفة كمان ان طنط فريدة مستعجلة اكتر مننا كمان…ويمكن الطفل ده هو اللي يخرجني من حالة الحزن اللي انا فيها دي…انت عارف ان العمليات دي غالبا مش بتنجح من اول مرة ورغم كده نجحت معانا..يبقى ليه مانكررش التجربة مرة تانية…وايا كانت النتيجة ف الحالتين انا راضية بيها

عمرو:ولو انه مش شرط يعني…بس انا ماعنديش مانع طبعا…لو تحبي من بكرة نبتدي نروح المركز ونحضر للعملية انا مافيش مشكلة

يمنى:الأول انا عايزة اسافر دمنهور لفؤاد اخويا

قطب عمرو جبينه في دهشة قائلا:تعملي ايه عند فؤاد?

يمنى:مش هو من فترة كده كلمني عشان الميراث…حاروح عشان نخلص الموضوع ده لإني انا كمان محتاجة فلوس للعملية

ازدادت دهشته وهو يقول:ايه اللي بتقوليه ده يا يمنى!هو انا قصرت معاكي ف حاجة قبل كده?

يمنى:لا ابدا يا حبيبي انا ماقلتش كده…انا بس باقول كفاية الفلوس اللي صرفتها المرة اللي فاتت وانا كنت السبب انها راحت ع الفاضي…عشان كده المرةدي انا ناوية اعمل العملية على حسابي

اجابها بحزم محاولا إنهاء هذه المناقشة السخيفة:يمنى…انا مش عايز اسمعك بتتكلمي ف الكلام ده مرة تانية…ياريت كان الهم هم فلوس وبس…عايزة تسافري لأخوكي ماعنديش مانع انا حاوديكي…لكن فلوسك دي حاجة تخصك لوحدك وبس…والعملية انا اللي حادفع كل تكاليفها… فاهمة ولا لأ…وده موضوع منتهي…جهزي نفسك عشان تسافري بكرة ان شاءالله
رضخت يمنى للأمر مؤقتا…ففي الغد ستسافر لشقيقها وبعدها ليكن مايكون

*******************************

تمددت على الفراش وهي تمسك بهاتفها وتحادث عصام كعادتها كل مساء…حين اخبرها انه انتهى بالفعل من تجهيز الشقة ..وبات كل شئ جاهزا ومعدا لإستقبالها…ولم يتبق سواها لتكتمل فرحته

شيرين:بس يا عصام…ده مافاتش غير تلت شهور على وفاة عمو رفعت وطنط نادية الله يرحمهم…معقول حنتجوز ويمنى ف الظروف دي

عصام بضيق:طيب والحل يا شيرين?انتي يا بنتي ماشبعتيش خطوبة ولا ايه?لقد هرمنا يا حبيبتي …ابوس ايدك اتجوزيني بقى والحقيني قبل ما انحرف وساعتها حيبقى ذنبي ف رقبتك…مش كفاية اني متشحطط وراكي من القاهرة لإسكندرية والعكس

ابتسمت شيرين لدعابته قائلة:معلش يا عصام عشان خاطري استحمل شوية واديني فرصة بس اني استأذن يمنى الأول قبل مانحدد معاد الفرح

عصام:ماشي يا حبيبتي …اصبر وامري لله…بس الله يخليكي ماتتأخريش عليا…يعني يستحسن تقفلي معايا دلوقتي وتتصلي بيها علطول

شيرين:لا انا حاروح ازورها احسن واطمن عليها بنفسي…بس حاكلمها دلوقتي ابلغها اني رايحلها بكرة ان شاءالله…يلا اقفل بقى عشان اكلمها

عصام مازحا:لا يا اختى اقفلي انتي الأول

شيرين:بطل هزار بقى يا عصام

عصام:خلاص ماتزقيش حاقفل آهوه…يلا سلام وتصبحي على خير

شيرين:وانت من اهله

وبالفعل اغلقت شيرين الهاتف مع عصام لتتصل بيمنى ولكنها علمت انها مسافرة في الغد فقررت تأجيل الزيارة لحين عودتها

******************************

في اليوم التالي توجهت يمنى مع عمرو لزيارة شقيقها الذي رحب بها وبزوجها الذي يزور البلدة لأول مرة…قامت صفاء بإعداد وليمة فاخرة إحتفالا بيمنى وزوجها…وبعد إنتهاء الطعام دخل ثلاثتهم إلى غرفة المكتب ليتحدثوا فيما يخص موضوع الميراث

فؤاد:بصي يا يمنى…انا بصراحة كده الأرض لزماني وناوي اشتري نصيبك انتي ويحيى ومتهيألي انكم مافيش عندكم مانع لأن مافيش حد فيكم بيفهم ف موضوع الزراعة ده…وكمان انتو مش عايشين ف البلد عشان تقدروا تراعوا الأرض…مش كده برضه ولا ايه?

يمني:فعلا عندك حق…وانا ماعنديش مشكلة ف موضوع البيع ده

فؤاد بإرتياح:يبقى اتفقنا…وبالنسبة ليحيى فانا حابعتله كل الفلوس اللي حيحتاجها وهو مسافر ولما يرجع ابقى اخصمهم من تمن نصيبه اللي حشتريه

قاطعه عمرو قائلا:اذا سمحتلي يا أستاذ فؤاد…طالما ان عملية البيع ماتمتش فعلا يبقى نصيب يحيى لسه ملكه …وده معناه ان الإيراد الناتج من نصيبه ده يبقى حقه وده مالوش علاقة بعملية البيع لأن تمن البيع بيتحدد وقت عملية البيع نفسها

ظهرت علامات الضيق على وجه فؤاد وهو يجيبه قائلا:الحاجات دي حابقى اتفاهم مع اخويا عليها لما يرجع ان شاءالله

شعر عمرو بالحرج فاردف قائلا:انا اسف لو كلامي ضايقك

استكمل فؤاد كلامه ليعرض على يمنى السعر الذي ارتضاه ثمنا لنصيبها في كل من الأرض والمزرعة…لتعترض يمنى قائلة:بس يا فؤاد المبلغ ده مايجيش ربع تمنهم الحقيقي

اجابها قائلا في ضجر:وهو انتي عايشة معانا هنا ف البلد عشان تعرف الأرض تسوى كام?

يمنى:افهم من كده ايه يا فؤاد?

فؤاد:تفهمي ان انا ادرى منك بتمن الأرض…واني مش حادفع مليم زيادة عن السعر ده وده آخر كلام عندي

عمرو:بس دي مش طريقة مناقشة يا أستاذ فؤاد

فؤاد بحدة:والله يا دكتور ياريت يعني ماتتدخلش بيني وبين اختي…ولا انت عايزها تاخد الفلوس عشان تحطها ف حجرك

لم يتحمل عمرو المزيد من الإهانات فقام من مكانه قائلا بحدة:اظن لحد كده وكفاية اوي…وكنت اتمنى انك تراعي اننا أهل واني ف بيتك…ولازم تعرف اني مش محتاج فلوس اختك دي عشان تحطها ف حجري وعموما انا خارج وسايبكوا تتكلموا براحتكوا

خرج عمرو لتنفعل يمنى على فؤاد قائلة:ممكن اعرف ايه اللي انت قلته لعمرو ده

نُرشح لك هذه الرواية المميزة:  رواية الخادمة فريد بيه وريماس - البلورة الوردية (جميع الفصول) للقراءة والتحميل pdf - روزان مصطفى

فؤاد ساخرا:زعلانه عليه اوي…وبعدين مش عيب تعلي صوتك على اخوكي الكبير كده?

يمني:بصراحة يا فؤاد دي آخر حاجة كنت اتوقعها منك بس لازم تعرف اني كده حاشوف حد غيرك ابيعله نصيبي

اجابها قائلا بإنفعال:انتي باين عليكي اتجننتي…عايزانا نبيع ارضنا للغريب…انتي عايزة الفلاحين ياكلوا وشنا…

يمنى:انت اللي بتضطرني لكده يا فؤاد…مافيش ادامي غير اني ارفع قضية واخد حقي بالقانون وساعتها حابيع الأرض لأول مشتري

فؤاد متوعدا يمنى:وماله ارفعيها براحتك…وموت يا حمار بقى لما يتحكم فيها…ولو اتحكم فيها لصالحك …قبل ماتستلمي الأرض حاكون بورتها وخليتها خرابة لا تنفع زرع ولا قلع…وابقي دوري ساعتهاعلى اللي يشتريها منك…ده لو لقيتي من اصله حد ف البلد كلها يستجري يقرب من أرض عارفين انها تخص فؤاد الصاوي…يعني ف الحالتين حتكوني خسرانة

اندفعت يمنى تغادر الغرفة لتصطدم بصفاء في طريقها للخارج لتستوقفها صفاء قائلة:مالك يا يمنى?جوزك من شوية خرج وهو مضايق اوي…وراح قعد ف عربيته…وانتي دلوقتي خارجة من الأوضة شكلك مش طبيعي…هو فؤاد قال حاجة زعلتكوا?

يمني:حاجات يا صفاء مش حاجةواحدة

:طيب إهدي بس وكل مشكلة وليها حل بإذن الله…تعالي بس نقعد ف اوضتي ونتكلم براحتنا

وبالفعل ذهبت يمنى مع صفاء إلى غرفتها لتقص عليها كل مادار بينها وبين فؤاد من حديث…كانت صفاء تستمع إليها فاغرة فاها من الدهشة والصدمة…ظلت صامته لفترة بعد ان انهت يمنى حديثها قبل ان تجيبها قائلة:استنيني هنا يا يمنى وانا راجعالك علطول

اتجهت صفاء إلى الغرفة الموجود بها فؤاد…فتحت الباب وظلت تحدق فيه لفترة تحاول ان تستشف ما بداخله…بعد لحظات صمت قالت اخيرا معاتبة:انت ايه اللي جرالك يا فؤاد…عايز تاكل حق اختك…عايز تأكلني انا وولادك فلوس حرام يا فؤاد?

فؤاد بحدة:اخرجي انتي بره الموضوع ده يا صفاء…ماتتدخليش بيني وبين اختي

صفاء:بس الموضوع كده بقى يخصني انا وولادي كمان…ولا انت شايف ايه?

فؤاد:انا شايف انك تروحي تعقليها وتقوليلها تسمع كلام اخوها الكبير…ولا عايزاها تاخد تعبي وشقايا تديه للبيه جوزها

صفاء:وهو جوزها محتاج?ثم انت مالك دي حاجة تخصهم لوحدهم…وعموما براحتك يا فؤاد…بس ماتبقاش تزعل من اللي ناوية اعمله

عادت صفاء إلى يمنى وقد تعالى صوت دقات قلبها من فرط الإنفعال…اجلستها يمنى إلي جوارها وقالت بحنو:اهدي يا صفاء…ماتزعليش نفسك…انا عارفة ان مالكيش ذنب

صفاء:اسمعي يا يمنى…أنا ما اعرفش غير واحد بس ف البلد كلها هو اللي يقدر يأثر على فؤاد…وفؤاد بيسمع كلامه…اسمه الشيخ عبدالواحد…ده كان صاحب جدك الله يرحمه…وهو الوحيد اللي قدر يأثر عليه لما عمي رفعت الله يرحمه استنجد بيه عشان يكمل تعليمه…روحيله واحكيله على اللي حصل وهو ان شاءالله اللي حيجيبلك حقك من فؤاد…هو بيته قريب من هنا…لو خرجتي وسألتي أي واحد من أهل البلد الف مين يدلك…ولو عايزاني آجي معاكي ماعنديش مانع

يمنى بإمتنان:لا يا صفاء خليكي انتي عشان ماتحصلش مشكلة بينك وبين فؤاد…ومتشكرة اوي يا صفاء

صفاء:بتشكريني على إيه يا يمنى…ده أنا اللي حقي اتأسفلك

يمنى:لا يا حبيبتي ماتقوليش كده…انا حاروحله يمكن يأثر على فؤاد…أنا اصلا مش حابه اني اقف ادام أخويا ف المحاكم

خرجت يمنى لتسأل عن منزل الشيخ عبدالواحد الذي لم يكن من الصعب العثور عليه لتقص عليه كل ماكان من فؤاد…الأمر الذي اغضبه كثيرا لذلك فقد قرر الذهاب معها إلى منزل فؤاد

**********************************

فؤاد:يا ألف اهلا وسهلا…معقول حضرتك جايلي بنفسك!كان كفاية تبعتلي وأنا اجيلك من غير ما تتعب نفسك

رمقه بنظرة غاضبة قبل أن يقول:صحيح الكلام اللي أنا سمعته ده يا فؤاد?معقول انت تعمل كده!

عندما رأه فؤاد قادما بصحبة يمنى فهم عما يتحدث فقال متوسلا:الله يخليك يا شيخ عبدالواحد…تخرج نفسك بره الموضوع ده…انت عارف إني ماقدرش اكسرلك كلمة…لكن أنا بصراحة مش ناوي اغير رأيي

عبد الواحد بإنفعال:بقى كده يا فؤاد?عايز تاكل مال أختك اليتيمة…نسيت كلام ربنا سبحانه وتعالى”إن اللذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا”

حاول فؤاد إسكات صوت ضميره الذي يأبى إلا أن يطل عليه على فترات ليجيبه قائلا:يا شيخ عبدالواحد أنا ما اكلتش حق حد…أنا قلتلها حاشتريهم منها بالسعر اللي يناسبني…وبعدين انت عارف النظام اللي ماشي هنا ف الأرياف …عارفة الفلاحين بيعملوا إيه يا مدام يمنى ولا تحبي اقولك?أنا حاقولك…أي ست ليها ميراث بيطلعولها مبلغ بسيط ويدفعوه من إيراد الأرض اللي هيا اصلا لسه بتاعتها عشان مااخدتش حقها فيها…وفيه ناس تانية مابتورثش الحريم من أصله…يعني انتي المفروض تحمدي ربنا على اللي عملته معاكي

أجابه عبدالواحد قائلا:وانت بدال ماتعلمهم الصح…عملت زيهم…عايز تشتري الأرض بتراب الفلوس…يا آخي ده حتى ربنا سبحانه وتعالى بيقول”ولا تبخسوا الناس أشياءهم”

ظلت المناورات قائمة لفترة بين فؤاد والشيخ عبدالواحد الذي اعلن إستسلامه في النهاية لينصرف حانقا على فؤاد…كما غادرت يمنى هي الأخرى مع عمرو لتعلن له عن رغبتها في ان يقوم برفع قضية يعيد بها حقوقها المسلوبة…وبعد إنصرافهم دخل فؤاد إلى غرفة نومه ليفاجئ بصفاء وقد وضعت حقيبة ملابس كبيرة الحجم على الفراش وهي تجمع ملابسها وتضعها بداخلها…اقترب منها متسائلا:بتعملي إيه يا صفاء

أجابته دون أن تلتفت إليه:زي ما انت شايف…ماليش عيش ف البيت ده لا أنا ولا ولادي بعد كده

رفع حاجبيه في ضيق قائلا:ومين اصلا اللي حيسمحلك تاخدي ولادي وتخرجي بيهم…ثم ممكن تقوليلي حتروحي على فين وانتي مالكيش حد ف البلد كلها غيري?

صفاء بلا مبالاة من حديثه:حافتح بيت أبويا الله يرحمه واقعد فيه

فؤاد:وحتعيشي منين بقى إن شاءالله?

صفاء:حاشتغل…انت ناسي ان معايا ليسانس أداب…حاشوف شغل في أي مدرسة هنا ف البلد

فؤاد:من غير إذني…ثم انتي فاكرة إن الشغل بالساهل كده اليومين دول?ده محتاج دبلومة وكورسات وحاجات زي كده…ثم ان شهادتك دي من سنة كام…وبعدين انتي عارفة كويس إن مافيش مدرسة واحدة ف البلد حترضى تشغلك لو أنا وقفتلك فيها…إخزي الشيطان يا صفاء ورجعي هدومك مكانها…ولازم تفهمي كويس إني ماعملتش حاجة غلط…الفلوس دي حقي عبي وشقايا طول السنين اللي فاتت دي ف الأرض والمزرعة…وكمان دي الفلوس اللي كنت المفروض اتعلم بيهم زي ماهما اتصرف عليهم وهما بيتعلموا

صفاء:اللي يشوفك وانت زعلان اوي على أبوك مايشوفكش وانت بتاكل حق اختك

فؤاد:وهو زعلي على أبويا يخليني اسيب حقي

صفاء بتهكم:والله ماحدش منعك انك تكمل تعليمك…انت اللي عملت ف نفسك كده…وكمان ماكنتش اعرف انك كنت بتشتغل أجري عند أبوك ودلوقتي أن الأوان انك تاخد فلوس أجرتك

لم يكن الرد سوى صفعة مدوية تلقتها صفاء لتترك اثرا ليس على خدها فقط ولكن على قلبها أيضا…لم تعلق بكلمة واحدة…فقط تركت الغرفة واتجهت إلى غرفة ابنتها لتشاركها إياها…سبقه قلبه قبل قدميه إلى الغرفة…دخلها مطاطئ الرأس لا يقوى على النظر في عينيها…حاول أن ينتقي كلمات مناسبة تلائم الموقف…اخيرا تحدث قائلا:سمر…اطلعي بره يا حبيبتي عشان عايز ماما ف كلمتين

خرجت سمر ليقترب فؤاد من حيث تقف صفاء قائلا والندم يتساقط من بين كلماته:حقك عليا يا صفاء…أنا مش عارف عملت كده ازاي…بس انتي اللي استفزيتيني…أنا اسف يا صفاء عشان خاطري سامحيني وأنا اوعدك انها تكون أول وأخر مرة …اقترب أكثر محاولا أن يضمها إليه لكنها دفعته قائلة:طول ما إيدك دي متلوثة بمال حرام يبقى ماتحطهاش عليا…انت فاهم ولا لأ…مش مسموحلك حتى انك تلمسني

اصطبغت عيناه باللون الأحمر وهو يجيبها قائلا:ماشي يا صفاء …بس خليكي فاكرة انك انتي اللي اخترتي…وابقي خلي يمنى تنفعك……………..

يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top