رواية تغريد وبدر وميسرة الفصل الثالث
استقبلوها بترحاب شديد وعلى مايبدو أنهم ليس لديهم علم بما فعله ولدهم بها.. حما تها وشقيقته لم تتركها و بكى حموها حزنا على انهيارها..وبعدما هدأت الأوضاع أقسم ألا يترك حقها عند ذلك الخائن.. لكن حدث شئ لم يكن في الحسبان .. تدهورت صحة تغريد بشدة.. كما أنها تتقيأ بصفة مستمرة وتعرضت للإغماء أكثر من مرة.. ظنوا في بادئ الأمر أن تكون حبلى لكن الطبيب الباطني وطبيبتها النسائية أكدا أنها لا تشكو ألما عضويا ويجب عرضها على طبيب نفسي بشكل عاجل قبل حدوث مضاعفات.. بدأت تظهر عليها علاما ت اضطراب نفسي بالغة الخطورة كالفزع من النوم والذعر الغير مبرر أثناء اليقظة والصعوبة في التركيز وعدم تذكر جوانب مهمة فيما حدث والتهيج العصبي والسلوك العدواني .. قامت شقيقة زوجها بالتواصل مع دكتورة زمردة والتي أمرتها بإحضارها فورا إلى المركز قبل ازدياد الأعراض التي قد تصل للإنتحار.. ومع مرور الوقت تحسنت نسبيا أو بمعنى أصح حاولت التحسن من أجل الصغيرين.. يكفيها انهزام والجلوس تحت شجرته التي ظللت عليها بأغصان من نار أحرقتها.. بدر كان مجرد غيمة ظلام يجب عليها التخلص من آثارها كي تستطيع مواصلة حياتها.. بدأت البحث عن عمل وبالفعل وجدت فرصة جيدة في أحد البنوك وفقا لشهادتها الجامعية.. شجعها حموها كثيرا وخصص لها شقة في بيت العائلة لطالما طلب من إبنه العاصي أن يسكنها ويظل بجوارهم لكنه رفض.. مر أكثر من سبعة
أشهر على تلك الواقعة وهو لم يفكر في المواجهة .. خائف أم نادم.. لا أحد يعلم ..أمسكت تغريد بزمام أمورها واستطاعت الوقوف على قدميها مجددا .. وذات يوم انتشرت أخبار عن جريمة . حدثت في الحي الذي كانت تسكن فيه مع زوجها.. صدم الجميع عندما وجدوا صورة بدر مرفقة بالخبر على مواقع التواصل الإجتماعي تحت عنوان زوج ي. زوجته … يالسخرية القدر!.. هكذا كان العقاب والدائن تمت إدانته وذاق من الكأس وجزائه من جنس عمله.. إنتهت إجراءات خروجه من النيابة بعدما ثبتت الواقعة.. سار في الشوارع بلا وجهة .. يسأل نفسه لماذا أقحم حياته داخل كل هذا التيه..بكى كما لم يبكي من قبل.. إنكسر بشكل مرعب والآن كفيه ملطخين بد ماء قذرة لن يستطيع محو أثرها بسهولة.. ساقته قدماه نحو منزل والديه يحتاج بشدة لدفء أمه وربتة كف أبيه المواسية وصوت شقيقته الحنون.. سمحوا له
بالدخول رغم حنقهم وغضبهم منه.. لم يكن في حال يسمح بأي حديث ودون أن ينبس بحرف اتجه نحو غرفته وأغلق على نفسه رافضا المواجهة .. وبعد أسبوع قرر والده وضع النقاط فوق الحروف خاصة أن تغريد تريد ترك البيت والإنتقال إلى سكن منفصل بعيدا عنه وعن ذكرياته التي تجدد ألمها.. جلس بدر منكس الرأس أمام الجميع.. لا يجرؤ على النظر في وجوههم.. مدان بشهادة جراح زوجته .. بدموع طفليه البريئين.. بنظرات أهله الغير رحيمة ود ماء ميسرة الرخيصة.. تحدث الأب بهدوء رغم قتامة الموقف مراتك طالبة الطلاق يا بدر
رد عليه بأعين غائمة وأنا قولتلها إني مش هاطلقها
سأله والده بسخرية ليه.. بتحبها
مسح وجهه براحتيه قائلا بضعف آه بحبها وعايزها وعايز ولادي
تدخلت والدته توبخه بغضب إنت جايب الجبروت ده كله منين
قاطعتهما شقيقته قائلة باستنكار سيبيه يحلم يا ماما تغريد مستحيل ترجعله
هتفت الأم بعصبية احنا غلطنا فتربيته إزاي
نظر الأب لزوجته قائلا دلعناه يا حاجة وإديناه أكبر من حجمه لحد ما صدق نفسه وظلم بنت الناس معاه .. ثم اقترب منه ليقف قبالته قائلا بحزن أنا شامم ريحة قذارتك ودم الخاينة اللي كس رت صاحبتها وكس رتك فإيديك .. صمت لثواني يراقب تشنج ملامحه وأضاف متعمدا إهانته تطلع من هنا عالمأذون و ورقة طلاق تغريد توصلها بهدوء بلاش مشاكل انت شبعان منها
أومأ برأسه نفيا وقال بصوت مهزوز لا مش هاطلقها .. رفع والده ذراعه عاليا ثم هوى على وجهه بصفعة قوية جعلته يرتد خلفا بفك وأنف نازفين من شدتها هادرا به انت اللي اخترت ماحدش ضربك على إيدك عشان تهد بيتك وتخسر مراتك وعيالك .. أمسكه من كتفيه يهزه بعنف كنت مفكر إنك هاترجع تلاقيها مستنياك
تحدث بدر بشفتين مرتعشتين أنا ندمان والله ..
_ مابقاش ينفع يابدر .. قالتها تغريد ببكاء وهي تقترب منه بخطوات ثابتة ظاهريا ثم قالت بنحيب متقطع اللي فقلبي مش تعويرة هاحطلها بيتادين وأنساها.. إنت .تني بدم بارد وأنا ما صدقت اتعافى
أمسك كفها يقول بأسف إنت طول عمرك بنت أصول وصالحة وبتحبيني
_ ربك سلم وخرجت من قصتك بأقل الخساير ولو كنت زمان حبيتك واشتريتك دلوقتي هابيعك واشتري نفسي سكتت لثواني تستجمع رباطة جأشها و تابعت مش كل الكسور بتنجبر ورجوعي ليك هايلحم الكسر غلط وانا مش هامشي أعرج عشان أرضيك .. ابتعدت عنه قائلة بهدوء تخفي به شوقها إليه أنا محتاجة أهتم بولادي وألملم اللي فاضل مني وأبدء من جديد
ونصيحة مني ما اتعلمتهاش ببلاش.. السكة اللي تفوتك فوتها ما تحفرش فالمية
ابتلع بدر غصته المسننة قائلا تغريد أنا بحبك آه ما عرفتش أحافظ عليك وما قدرتش حبك ليا بس والله بحبك واتعلمت من غلطتي
ضحكت تغريد بسخرية مريرة القرصة طلعت بالدم وإنت مت بالنسبالي والحرب عشان الميت حرام .. أخذت نفسا عميقا ثم عقدت ذراعيها قائلة بثبات طلقني وسيبني أعيش حياتي وأتمني نخلص بقا من الحدوتة الخايبة دي .. أنهت حديثها بزفرة متألمة وكأنها استراحت بعدما قذفت ما في جوفها بوجهه .. التفتت تقول لحموها أنا نازلة شقتي يا بابا.. بس ياريت تبلغني لو بدر هايفضل قاعد هنا عشان أدور على مكان تاني
رد عليها الأب بحزم البيت بيتك انت وولادك يابنتي .. لو حد هايمشي يبقى هو .. أيقن بدر أن المسامحة غير محتملة ولا المغفرة واردة.. تغريد كانت الشئ الصحيح الوحيد في دنيا أخطائه والآن عليه دفع ثمن آثامه المقترفة بحقها.. خرج من بيت والده إلى الشارع يعض أصابعه من الندم ومثلما .ها بخيانته .ته هي بالتخلي عنه فالعين بالعين والسن بالسن والغشاش لا بكاء على خسارته
رابط تحميل الرواية pdf : اضغط هنا